قصصقصص تاريخية
قصة تزويج سعيد ابن المسيب ابنته من طالب علم فقير
كان للتابعي الجليل سعيد بن المسيب رحمه الله بنت خطبها الخليفة عبد الملك بن مروان لابنه الوليد حين ولاه العهد، فأبى سعيد أن يزوجه، فلم يزل عبد الملك يحتال على سعيد حتى ضربه مائة سوط في يوم بارد، وصب عليه جرة ماء وألبسه جبة صوف.
وكان لسعيد جليس يقال له عبد الله بن أبي وداعة، فأبطأ عنه أياماً، فسأل عنه فقيل له: إن سعيد بن المسيب سأل عنك، فأتاه وسلم عليه، ثم جلس، فقال له سعيد: أين كانت غيبتك يا أبا محمد؟ فقال: إن أهلي كانت مريضة فمرضتها ثم ماتت فدفنتها. فقال يا عبد الله، أفلا أعلمتنا بمرضها فنعودها، أو بموتها فنشهد جنازتها؟ ثم عزّاه عنها ودعا له ولها، ثم قال: يا عبد الله، تزوج ولا تلق الله وأنت عزب. فقال: يرحمك الله! من يزوجني؟ فوالله ما أملك غير أربعة دراهم. فقال: سبحان الله! أو ليس في أربعة دراهم ما يستعف به الرجل المسلم؟ يا عبد الله! أنا أزوجك ابنتي إن رضيت.
قال عبد الله: فسكت استحياء منه وإعظاماً لمكانه. فقال: مالك سكت؟ ألعلك سخطت ما عرضنا عليك؟ قال: يرحمك الله! وأين المذهب عنك؟ فوالله إني لأعلم أنك لو شئت زوجتها بأربعة آلاف وأربعة آلاف، قال: قم يا عبد الله فادع لي نفراً من الأنصار، فقمت فدعوت له حلقة من بعض حلق الأنصار، فأشهدهم على النكاح بأربعة دراهم، ثم انقلبنا، فلما صلينا العشاء الآخرة وصرت إلى منزلي، إذا برجل يقرع الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: سعيد. فوالله خطر ببالي كل سعيد بالمدينة غير سعيد بن المسيب؛ وذلك انه ما رؤى قط خارجاً من داره إلا إلى جنازة أو إلى المسجد. فقلت مَن سعيد؟ قال: سعيد بن المسيب. فارتعدت فرائضي، وقلت: لعل الشيخ ندم فجاء يستقيلني، فخرجت إليه أجر رجلي وفتحت الباب فإذا بشابة ملتفة بساج، ودواب عليها مذابح؛ وخادم بيضاء؛ فسلم علي ثم قال لي: يا عبد الله هذه زوجتك. فقلت مستحيياً منه: يرحمك الله! كنت أحب أن يتأخر ذلك أياماً. فقال لي: لمَه؟ أولست أخبرتني أن عندك أربعة دراهم؟ قلت: هو كما ذكرت، ولكن كنت أحب أن يتأخر ذلك. قال: إنها إذن عليك لغير ميمونة، وما كان الله ليسألني عن عزبتك الليلة وعندي لك أهل. هذه زوجتك، وهذا متاعكم، وهذه خادم تخدمكم معها ألف درهم نفقة لكم، فخذها يا عبد الله أمانة لك، فوالله إنك لتأخذها صوامة قوامة، عارفة بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاتق الله فيها، ولا يمنعك مكانها مني إن رأيت منها ما تكره أن تحسن أدبها. ثم سلمها إليّ ومضى. قال: فوالله ما رأيت امرأة قط أقرأ لكتاب الله تعالى، ولا أعرف بسنة رسول الله صلى عليه وسلم، ولا أخوف لله عز وجل منها. لقد كانت المسألة المعضلة تعي الفقهاء فأسألها عنها فأجد عندها منها علماً.
وكان لسعيد جليس يقال له عبد الله بن أبي وداعة، فأبطأ عنه أياماً، فسأل عنه فقيل له: إن سعيد بن المسيب سأل عنك، فأتاه وسلم عليه، ثم جلس، فقال له سعيد: أين كانت غيبتك يا أبا محمد؟ فقال: إن أهلي كانت مريضة فمرضتها ثم ماتت فدفنتها. فقال يا عبد الله، أفلا أعلمتنا بمرضها فنعودها، أو بموتها فنشهد جنازتها؟ ثم عزّاه عنها ودعا له ولها، ثم قال: يا عبد الله، تزوج ولا تلق الله وأنت عزب. فقال: يرحمك الله! من يزوجني؟ فوالله ما أملك غير أربعة دراهم. فقال: سبحان الله! أو ليس في أربعة دراهم ما يستعف به الرجل المسلم؟ يا عبد الله! أنا أزوجك ابنتي إن رضيت.
قال عبد الله: فسكت استحياء منه وإعظاماً لمكانه. فقال: مالك سكت؟ ألعلك سخطت ما عرضنا عليك؟ قال: يرحمك الله! وأين المذهب عنك؟ فوالله إني لأعلم أنك لو شئت زوجتها بأربعة آلاف وأربعة آلاف، قال: قم يا عبد الله فادع لي نفراً من الأنصار، فقمت فدعوت له حلقة من بعض حلق الأنصار، فأشهدهم على النكاح بأربعة دراهم، ثم انقلبنا، فلما صلينا العشاء الآخرة وصرت إلى منزلي، إذا برجل يقرع الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: سعيد. فوالله خطر ببالي كل سعيد بالمدينة غير سعيد بن المسيب؛ وذلك انه ما رؤى قط خارجاً من داره إلا إلى جنازة أو إلى المسجد. فقلت مَن سعيد؟ قال: سعيد بن المسيب. فارتعدت فرائضي، وقلت: لعل الشيخ ندم فجاء يستقيلني، فخرجت إليه أجر رجلي وفتحت الباب فإذا بشابة ملتفة بساج، ودواب عليها مذابح؛ وخادم بيضاء؛ فسلم علي ثم قال لي: يا عبد الله هذه زوجتك. فقلت مستحيياً منه: يرحمك الله! كنت أحب أن يتأخر ذلك أياماً. فقال لي: لمَه؟ أولست أخبرتني أن عندك أربعة دراهم؟ قلت: هو كما ذكرت، ولكن كنت أحب أن يتأخر ذلك. قال: إنها إذن عليك لغير ميمونة، وما كان الله ليسألني عن عزبتك الليلة وعندي لك أهل. هذه زوجتك، وهذا متاعكم، وهذه خادم تخدمكم معها ألف درهم نفقة لكم، فخذها يا عبد الله أمانة لك، فوالله إنك لتأخذها صوامة قوامة، عارفة بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاتق الله فيها، ولا يمنعك مكانها مني إن رأيت منها ما تكره أن تحسن أدبها. ثم سلمها إليّ ومضى. قال: فوالله ما رأيت امرأة قط أقرأ لكتاب الله تعالى، ولا أعرف بسنة رسول الله صلى عليه وسلم، ولا أخوف لله عز وجل منها. لقد كانت المسألة المعضلة تعي الفقهاء فأسألها عنها فأجد عندها منها علماً.