قصص
ليتني كنت جوالا
ليتني كنت جوالا |
ليتني كنت جوالا
طلبت المعلمة من تلاميذها في المدرسة الابتدائية أن يكتبوا موضوعا يطلبون فيه من الله أن يعطيهم ما يتمنون، وبعد عودتها إلى المنزل جلست تقرأ ما كتبه التلاميذ، فأثار أحد المواضيع عاطفتها حتى أجهشت في البكاء، وصادف ذلك دخول زوجها البيت، فسألها: ما الذي يبكيكِ ؟
فقالت: موضوع التعبير الذي كتبه أحد التلاميذ.
فسألها: وماذا كتب؟
قالت له: خذ.. اِقرأ موضوعه بنفسك !
فأخذ يقرأ: ...
إلهي، أسألك هذا المساء طلباً خاصَّاً جداً، وهو أن تجعلني جوالا !!!؛ فأنا أريد أن أحل محله، أريد أن أحتل مكاناً خاصاً في البيت، وأصبح مركز اهتمامهم فيسمعونني دون مقاطعة أو توجيه أسئلة، أريد أن أحظى بالعناية التي يحظى بها حتى وهو لا يعمل.
أريد أن أكون بصحبة أبي عندما يصل إلى البيت من العمل حتى وهو مرهق، وأريد من أمي أن تجلس بصحبتي حتى وهي منزعجة أو حزينة، وأريد من إخوتي وأخواتي أن يتخاصموا ليختار كل منهم صحبتي؛ أريد أن أشعر بأن أسرتي تترك كل شيء جانباً لتقضي وقتها معي !
وأخيراً وليس آخراً، أريد منك يا إلهي أن تقدّرني على إسعادهم، والترفيه عنهم جميعاً، يا ربِّ إني لا أطلب منك الكثير.. أريد فقط أن أعيش مثل أي جوال !!.
اِنتهى الزوج من قراءة موضوع التلميذ، وقال: يا إلهي، إنه فعلاً طفل مسكين، ما أسوأ أبويه !!
فبكت المعلمة مرةً أُخْرَى، وقالت: إنَّه الموضوع الذي كتبه ابننا.
انتهت القصة.
ولا بأس في أن أذكركم هنا بقصة ذلك البروفسور الإنجليزي الذي لم يدخل النت بيته، ولما سُئِلَ عن السبب، قال: لأنه يفرض علينا رأيه، ولا يسمح لنا بمناقشته، ويُنَغِّصُ عَلَيْنَا حَيَاتَنَا !!.
قال ناصح: التقنيات الحديثة بدأت تسرقنا من أهلنا وأطفالنا، بل تسرق مشاعرنا وعواطفنا (واتساب؛ تويتر؛ فيسبوك؛ سكايب؛ ... إلخ) !!.ا
الأبناء.. هم رأس المال وامتداد العمر والاستثمارالرابح؛ عيشوا معهم، ولا تعيشوا لأجلهم، فأفضل ما يصنع الشخصيّة السويّة في الطفل هو حسن القدوة، والقرب العاطفي من الآباء، سيما في مراحل عمرهم الأولى، وقبل عمر المراهقة والتكليف.
وفقني الله وإياكم لإسعاد أبنائنا، وتربيتهم التربية المثلى، وأصلح لي ولكم النية والذرية.