قصص
تاجر كتب على باب دكانه: كيد الرجال غلب كيد النساء
كيد الرجال |
تاجر كتب على باب دكانه: كيد الرجال غلب كيد النساء
يُحكى أنّ تاجرا ركب رأسَه الغرورُ، وتجرأ فكتب على باب دكانه: ((كيد الرجال غلب كيد النساء))، ويبدو أنّ ذلك لم يرق لصبية حسناء ذات جمال ودلال, فدخلت مُتعللة بشراء بعض الحاجات، فصارت كلما طلبت مطلبا تتمايل، وتنحني، وتنعطف، وتنثني حتى تظهر مفاتنها، وتُبرز محاسنها حتى تمكنت من صاحب الدكان وسرقت عقله وتلاعبت بعواطفه..
ولم يتمالك نفسه حتى بادرها بالسؤال قائلا: من تكونين؛ فقالت له: أنا ابنة قاضي القضاة.
قال الشاب: ما أسعد أباك فيك.
قالت: وما أشقاني معه, إنه يريد أن يبقيني بدون زواج، فكلما طلبني أحد للزواج قال له: إنني عمياء كتعاء غير صالحة لمثل هذه الأمور.
قال الشاب: وهل تقبلين بي زوجا لك, وأنا أتدبر الأمر مع أبيك؟
فأجابته الفتاة بالموافقة, ولم يلبث الشاب إلا أن ذهب من فوره إلى قاضي القضاة يطلب منه يد ابنته، فقال القاضي: ولكن ابنتي عمياء كتعاء، وأنا لا أريد أن أضع أحدا في ذمتي.
قال الشاب: أنا أقبلها كما هي، ويكفيني حسبها ونسبها.
وتمت الموافقة, ثم أنه أُتيحت الفرصة للشاب كي يجتمع بعروسه؛ فإذا هي حقيقة عمياء كتعاء، وأنها ليست تلك المرأة الماكرة الحسناء.
فرجع الشاب إلى دُكَّانه منكسر النفس، منكس الرأس، وقام بمسح العبارة التي أوقعته في المصائب من بابه: ((كيد الرجال غلب كيد النساء)).
ولم يلبث غير يسير، فإذا بالصبية الحسناء تُقبل عليه من بعيد، وعلى ثغرها ابتسامة الظفر والنصر، فدخلت وقالت: الآن قد اعترفت بالحقيقة، وأقررت أن ((كيد النساء غلب كيد الرجال)).
فأجاب الشاب: ولكن مع الأسف بعد فوات الأوان.
فقالت الفتاة: لن أتركك في محنتك, وخلاصك في يدي!
فما عليك إلا أن تبحث عن جماعة من النَوَر (الغجر) تطلب منهم أن يزعموا أنك واحد منهم، وأن يحضروا على أساس أنهم أقاربك وأصحابك إلى بيت القاضي.
في يوم العرس هذا ما كان, فقد وصلت الجماعة في اليوم الموعود بطبل وزمر ورقص وأهازيج؛ في حين كان القاضي يجلس مع علية القوم وأشراف المدينة.
فهرع الشاب إلى ملاقاتهم والترحيب بهم, ولما سأله الحاضرون عن الخبر أجابهم: أنا منهم وهم مني, ولا أستطيع أن أنكر حسبي ونسبي, ولذلك دعوتهم ليحتفلوا بي في يوم عرسي.
فصاح به قاضي القضاة: كفى, ونحن أيضا لا نستطيع أن نتخلى عن حسبنا ونسبنا، قم وانصرف أنت وجماعتك, وابحث لك عن زوجة من بناتهم, وعفا الله عما سلف.
وفي الغد, ذهب الشاب إلى دكانه, وإذا بالصبية تأتيه, فاستقبلها هاشاًّ باشاًّ، وأخبرها بنجاح مشورتها ومكيدتها التي خلصته من شراك تلك المصيبة، ثم سألها حقيقة نفسها فأخبرته, فلم يلبث يسيرا حتى ذهب وطلب يدها، معترفاً بالهزيمة أمام كيد النساء وتدبيرهن الذي لا يقاوم.