سياحةسياحة واثارمفالاتمقالاتمنوعات
صور مدينة هونغ كونغ - السياحة في هونج كونج
صور مدينة هونغ كونغ - السياحة في هونج كونج
هُونْغ كُونْغ عن هذا الملف HKSAR.ogg (؟·معلومات) (بالصينية: 香港 = شيانغَّانغ، أي: الميناء العَطِر) هي إحدى المنطقتين الإداريَّتين الخاصَّتين التابعتين لجمهورية الصين الشعبية (إلى جانب منطقة مكاو). تقع مدينة هونغ كونغ على ساحل الصين الجنوبيّ، محصورةً ما بين بحر الصين الجنوبي ودلتا نهر اللؤلؤة، وتتميَّز بناطحاتها السحابيَّة الكثيرة ومينائها الفَسِيح. يبلغ عدد سكَّان هونغ كونغ نحو سبعة ملايين نسمة ومساحتها 1,104 كم2، وهي تضمُّ بذلك إحدى أكبر الكثافات السكّانيَّة في العالم. بين سكان المدينة، يتألَّف 93.6% منهم من الصينيّين، والباقون من عرقيَّات متعدّدة، وغالبية السكان هم من قومية الهان الذين تعود أصولهم إلى مدينتي غوغانغزو وتايشان في مقاطعة قوانغدونغ المجاورة.
سُكِنَت منطقة هونغ كونغ الحديثة منذ عصور ما قبل التاريخ، رغم ذلك، فقد ظلَّت حتى نهاية العصور الوسطى مجرَّد قرية صيدٍ صغيرةٍ لم يكن لها شأنٌ كبير. وقعت المدينة تحت سيطرة الإمبراطورية البريطانية في أعقاب حرب الأفيون الأولى (1839-1842)، لتتوسَّع حدودها من جزيرة هونغ كونغ (التي جاء منها الاسم بالأصل وانحصرت المنطقة بها في السَّابق) لتضمَّ مقاطعةً أوسع تشمل شبه جزيرة كولون ثم الأقاليم الجديدة فيما بعد. في منتصف القرن العشرين، تعرَّضت المدينة للاحتلال الياباني أثناء حرب المحيط الهادئ، لكنَّ بريطانيا استعادتها بعد الحرب، وظلَّت مستعمرةً بريطانيَّة حتى عام 1997، عندما أعيدت ملكيَّتها أخيراً إلى الصّين. من جهةٍ أخرى، حازت المدينة طوال العصر الاستعماريّ حرية عالية، فقد كان التدخُّل الحكومي في الاقتصاد والدولة محدوداً، وأثَّرت هذه الفترة بدرجةٍ كبيرة بتشكيل ثقافة هونغ كونغ الحديثة، التي باتت تُعرَف بلقب الشرق يلتقي الغرب.
لا زالت هونغ كونغ تتمتع باستقلاليَّة عاليةً ونظاماً سياسياً مختلفاً عن ذاك في البر الصيني، وذلك وفق مبدأ "بلد واحد، نظامان مختلفان" الذي يُكرِّس للمدينة حكمها الذاتي. فللمدينة استقلالية قضائية تتبع هيكلها للقانون العام، كما أنَّ لديها قانوناً أساسياً مستقلاً، وينصُّ دستورها الذي وُضِعَ عقب نقل ملكيتها من بريطانيا إلى الصين على أنَّها ستحوز "درجةً من الاستقلالية" في كلِّ جوانب الدولة، باستثناء العلاقات الدبلوماسية الدولية والبنية العسكريَّة. لدى المدينة نظامٌ سياسيٌّ تعدُّدي مزهر، وتتولَّى اختيار رئيس حكومتها لجنة انتخابيَّة من 400 إلى 1,200 عضو، وسيظلُّ هذا النظام قائماً طوال السنوات العشرين الأولى من الحكم الصيني.
تُعَدُّ هونغ كونغ واحدةً من المراكز الاقتصادية الرَّائدة في العالم، إذ تمتاز باقتصادٍ رأس ماليٍّ مزدهر يقوم على الضرائب المنخفضة والتجارة الحرَّة، وتعتبر عملة المدينة - دولار هونغ كونغ - العملة الثامنة الأكثر تداولاً على مستوى العالم. بسبب صغر مساحة المدينة وكثرة السكَّان، برزت الحاجة إلى بنية تحتيَّة تسمح بكثافة سكانية أكبر، وحوَّلها ذلك المدينة إلى مركزٍ للعمارة الحديثة وجعل منها المدينة الأكثر علوًّا في العالم، كما تسبَّب بتطوير شبكة المواصلات فيها حتى أصبح يعتمد أكثر من 90% من سكَّانها على النقل العام، وهو المعدَّل الأعلى عالمياً. تتميَّز هونغ كونغ كذلك بمراتب دولية متقدِّمة في مجالاتٍ عديدةٍ أخرى، مثل الحرية الاقتصادية وجودة الحياة ومكافحة الفساد والتنمية البشرية وغيرها. ووفق تقديرات الأمم المتحدة ومنظمة الزراعة والأغذية العالمية فإنَّ متوسّط عمر الإنسان في هونغ كونغ أعلى من أيّ منطقةٍ أخرى على وجه الأرض.
أصل التسمية
اسم هونغ كونغ هو ترجمة صوتيَّة تقريبيَّة للاسم الكانتوني أو الهاكاني «香港»، الذي يعني «المِيناء العَطِر». قبل عام 1842، كان اسم هونغ كونغ يشير إلى خليجٍ صغير - يُسمَّى الآن ميناء أبردين أو «香港» بمعنى "هونغ كونغ الصَّغيرة" - يقع بين جزيرة أبردين وجزيرة هونغ كونغ، وقد كان هذا الخليج أحد أولى الأماكن التي التقى فيها البحَّارة البريطانيُّون بصيَّادي السَّمك المحليين في ما بات اليوم هونغ كونغ.
قد يكمن أصل لقب «العَطِر» الذي حازه الخليج في اختلاطه مياهه بالماء العذب القادم من نهر اللؤلؤة، أو ربَّما بسبب البخور الذي يفوح من مصانع عطورٍ عديدةٍ تمتدُّ بحذاء ساحل كولون الشمالي، والذي كان يُخزَّن حول خليج أبردين لتصديره قبل تأسيس ميناء فكتوريا. وُقِّعت معاهدة نانجينغ في عام 1842 لوضع نهايةٍ لحرب الأفيون الأولى بين الصّين وبريطانيا، وكانت وثيقة هذه المعاهدة هي أوَّل وثيقةٍ رسميَّة معروفةٍ يُستَعمل فيها اسم هونغ كونغ ليشير إلى كامل الجزيرة.
في السَّابق كان من الشائع أن يُكتَب الاسم ملتصقاً ككلمةٍ واحدة هونغكونغ (بالإنجليزية: Hongkong)، وظلَّت تستعمل هذه التهجئة حتى قرَّرت الحكومة اعتماد الشكل الحديث في عام 1926. رغم ذلك، لا زالت حتى الآن بعض المنظَّمات القديمة (التي تأسَّست قبل اعتماد الشكل الحديث) تستعمل هجاء الكلمة الواحدة.
اسم المدينة الرسميُّ الكامل هو «中華人民共和國香港特別行政區»، أي «منطقة هونغ كونغ الإداريَّة الخاصَّة التابعة لجمهوريَّة الصّين الشعبيَّة». وهذه التسمية هي اللَّقب الرسميُّ المستعمل للمدينة على شعارها الصينيّ، وفي نصّ قانونها الأساسي، وعلى موقع الحكومة الإلكتروني الرسميّ.
التاريخ
على الرغم من أن الأرض المعروفة اليوم تم استيطانها منذ الفترة النيوليتيكية، إلا أنها كانت بمعزل عن الأحداث التي عاشتها الصين خلال الحقب التالية.
قبل الاستعمار
منطقة كهف المقاييس الثلاثة، واحدٌ من أقدم موقعين معروفين للاستيطان البشري في هونغ كونغ، يعود تاريخه إلى العصر الحجري القديم.
تظهر الدراسات الأثرية أنَّ البشر القدماء استوطنوا منطقة جزيرة تشك لاب كوك قبل 39,000 إلى 35,000 عام، وشبه جزيرة ساي كونغ قبل 6,000 عام. أقدم مواقع الاستيطان البشري المعروفة في المنطقة من العصر الحجري القديم هي كهف المقاييس الثلاثة ومنطقة ونغ تي تونغ (يقع كلاهما في مقاطعة تاي بو شرقيَّ المدينة حالياً)، ويُعتَقد أنَّ أوَّلهما - تجويف المقاييس الثلاثة - كان وادياً يخترقه نهر جار، بينما كانت منطقة ونغ تي تونغ مقلعاً لشحذ الأدوات الحجريَّة. تظهر الأدوات المكتشفة العائدة إلى العصر الحجري الحديث وجود اختلافٍ بين ثقافة سكان هونغ كونغ القدماء وثقافة لونغشان في شمال الصين، وتظهر كذلك أنَّ شعباً يُدعَى شعب تشي قد سكن المنطقة لفترةٍ، قبل أن تُهاجِر إليها شعوب البايوي من المناطق المجاورة في جنوبيّ الصّين. اكتشفت ثماني نقوشٍ قبل تاريخيَّة في الجزر المجاورة لجزيرة هونغ كونغ، يعود تاريخها إلى عهد مملكة شانغ الصينيَّة.
في عام 214 ق.م، غزا أول أباطرة الصّين تشين شي هوانج إقليم قبائل البايوي في جياوزي (ما يُمثِّل اليوم مقاطعة قوانغدونغ ومنطقة قوانغشي المستقلَّة)، وضمَّها إلى الصين الإمبراطوريَّة للمرَّة الأولى في التاريخ تحت لواء إمبراطورية تشينغ. تبعت هونغ كونغ الحديثة إدارياً ما كان آنذاك قيادة ناهاي (ما يُسمَّى حالياً مقاطعة ناهاي)، وكانت عاصمة القيادة قريبةً من هونغ كونغ، في ما كان يُسمَّى بانيو (وهي حالياً غوانغزو). اتَّحدت هونغ كونغ مع المناطق المحيطة بها لاحقاً في مملكة نانياو، التي أسَّسها الضابط زياو توو في عام 204 ق.م عقب انهيار إمبراطورية تشينغ. إلا أنَّ المدينة سُرعَان ما عادت إلى الصين الإمبراطورية بعد أن غزاها وو إمبراطور سلالة الهان في عام 111 ق.م، وضُمَّت هذه المرَّة إدارياً إلى قيادة جياوزي. تُظهِر الآثار التاريخيَّة أنَّ عدد سكان المنطقة بدأ بالنمو في هذه الفترة، وازدهرت خلالها صناعة الملح.
ازدهرت منطقة قوانغدونغ - بما في ذلك هونغ كونغ - خلال عصر مملكة تانغ، لتتحوَّل إلى مركزٍ تجاريّ نشط. في عام 736، أسَّس شوانزونغ إمبراطور تانغ بلدة عسكريَّةً في توين مون (تقع حالياً بالأقاليم الجديدة)، وذلك للدِّفاع عن سواحل المنطقة. تأسَّست المدرسة الأولى بالمنطقة في عهد أسرة سونغ الشمالية عام 1075، وكانت كلية لي ينغ (الواقعة حالياً ضمن الأقاليم الجديدة).. تعرَّضت إمبراطوريَّة الصّين للغزو المغولي في عام 1276، فسارَعت أسرة سونغ الجنوبيَّة إلى نثل مقرّها من إقليم فوجيان في الشَّمال إلى جزيرة لانتاو (غرب هونغ كونغ الآن)، ولاحقاً إلى سونغ وونغ توي، وهي مدينة كولون الحديثة، إلا أنَّ بينغ إمبراطور سونغ الحَدَث انتحر بعد ذلك مع ضبَّاطه إثر هزيمته في معركة يامن، ولا زال يُعبَد أحد ضبَّاط الإمبراطور - المدعوَّ "هاو وونغ" - في هونغ كونغ إلى الآن.
أقدم أوربيٍّ معروفٍ في التاريخ حطَّ بهونغ كونغ هو الرحَّالة البرتغالي جورج ألفاريس، الذي وصل إليها بحراً عام 1513. سُرعَان ما أسَّس البرتغاليُّون مستعمرةً لهم في المنطقة، ثم بدؤوا بالتجارة مع سكان جنوب الصّين، وفي الوقت ذاته، غزو بلدة توين مون واستولوا عليها، وشرعوا ببناء تحصينات عسكريَّة فيها. إلا أنَّ البرتغاليين دخلوا لاحقاً في معركةٍ - تدعى معركة تاماو - مع الإمبراطورية الصينية، أدَّت في آخر الأمر إلى طردهم من البلاد. وفي منتصف القرن السادس عشر، أصدر الإمبراطور الصينيّ أمر هايجن القاضي بحظر الأنشطة البحريَّة وعزل الصّين عن الأجانب الوافدين من البحار. بين أعوام 16661 و1669، صدر أمر الإخلاء العظيم من الإمبراطور كانغ شي، وهو أمرٌ قضى بإخلاء كافَّة سواحل إقليم قوانغدونغ لمقاومة حركةٍ مناهضةٍ لمملكة تشينغ، وشمل هذا الإخلاء هونغ كونغ. وتقول السجِّلات التاريخية أن هذا الإخلاء تضمَّن 16,000 شخصٍ من مقاطعة شينان (ما يُمثِّل اليوم مدينتي هونغ كونغ وشينزين)، ولم يعد من هؤلاء إلا 1,648 بعد انتهاء الإخلال عام 1669، وخلال فترة الإخلاء نفسها، كانت معظم هونغ كونغ الحديثة خرابةً مهجورة. لاحقاً، كان كانغ شي في عام 1685 أول إمبراطورٍ صينيٍّ يسمح بالتجارة مع الأجانب (لكن على نطاقٍ محدود)، وكانت بداية هذا الترفع في منطقة غوانغزو، إلا أنَّ الكثير من القيود ظلَّت تلف التجار الأجانب رغم ذلك، مثل إجبارهم على الإقامة في أماكن محدَّدة، وبقائهم خلال مواسم التجارة فقط، وعدم السَّماح لهم بالتجارة بأيّ سلعةٍ سوى الفضة، وعدم السَّماح لهم بحمل الأسلحة النارية. نظَّمت شركة الهند الشرقية رحلتها الأولى إلى الصّين عام 1699، وسرعان ما تطوَّرت الحركة بين المنطقة والتجار البريطانيين بسرعةٍ بعد ذلك، فقد أسَّست الشركة مركزاً تجارياً لها في غوانغزو (المعروفة آنذاك بكانتون) عام 1711، ووصل حجم تجارة الأفيون بين المدينة والبريطانيّين إلى 1,000 صندوقٍ في عام 1773، ثم إلى 2,000 صندوقٍ في عام 1799.
الاستعمار البريطاني
Crystal Clear app kdict.png مقالة مفصلة: هونغ كونغ البريطانية
إحدى معارك حرب الأفيون الأولى، التي أدت إلى تسليم هونغ كونغ للإمبراطورية البريطانية.
رفضت سلطات سلالة تشينغ في عام 1839 استيراد تبغ الأفيون من بريطانيا، ممَّا أدى إلى اندلاع حرب الأفيون الأولى بين البلدين. نزلت القوَّات البريطانية في جزيرة هونغ كونغ واحتَّلتها في 20 يناير عام 1841، وكان يفترض أن تتخلَّى عنها الصين إثر اتفاقية تشينبي بين الضابط تشارلز إليوت والمحافظ كيشان، إلا أنَّ تلك الاتفاقية لم تُنفَذ قط بسبب خلاف بين المسؤولين الرفيعين في كلا الحكومتين البريطانية والصينية. ولم تتنازل الصين رسمياً عن الجزيرة لبريطانيا حتى 29 أغسطس عام 1842، عندما عُقِدَت معاهدة نانجينغ. وسُرعَان ما أسست بريطانيا عليها مستعمرة ملكية، أتبعتها بتأسيس مدينة فكتوريا.
علم مستعمرة هونغ كونغ البريطانية (1959-1997).
خسرت الصين مجدداً حرب الأفيون الثانية عام 1860، لتضطرَّ للتنازل أيضاً عن شبه جزيرة كولون وجزيرة نغونغ تشين تشاو وفقاً لشروط معاهدة بكين. ازداد عدد سكان جزيرة هونغ كونغ تحت الحكم البريطاني من 7,450 صيني (معظمهم من صيَّادي السمك) عام 1841 إلى أكثر من 115,000 فضلاً عن 8,754 أوروبياً في هونغ كونغ وشبه جزيرة كولون في عام 1870. إلا أنَّ الوباء الثالث من الطاعون الدبلي أصاب المنطقة في عام 1894 قادماً من الصّين، ليسبّب 50,000 إلى 100,000 وفاة بين سكان المدينة.
وُقِّعت في عام 1898 معاهدة توسعة منطقة هونغ كونغ بين بريطانيا والصين، التي حازت بموجبها بريطانيا عقد إيجارٍ مدَّته 99 عاماً لجزيرة لانتاو في الغرب والمناطق المجاورة للمدينة شمال كولون، وهذه الأقاليم هي ما بات يُعرَف لاحقاً باسم الأقاليم الجديدة. منذ ذلك الحين، لا زالت حدود منطقة هونغ كونغ ثابتةً إلى الآن. كانت هونغ كونغ خلال النصف الأول من القرن العشرين ميناءً حراً، عمل كمرفأٍ لإعادة التصدير للإمبراطورية البريطانية. وقد أسَّست بريطانيا نظاماً تعليمياً في المدينة مشابهاً لذلك المعمول به في بريطانيا العظمى، رغم ذلك، كان الاحتكاك شبه منعدم بين السكان الصينيّين والمجتمع الأوروبي الثري في هونغ كونغ المقيم حول جبل فكتوريا.
الغزو الياباني
غارات الطائرات اليابانية على سنترال خلال معركة هونغ كونغ، التي أدت إلى وقوع المدينة تحت حكم إمبراطورية اليابان.
غزت الإمبراطورية اليابانية هونغ كونغ إبان اندلاع الحرب العالمية الثانية - كجزءٍ من حملتها في المحيط الهادئ - بتاريخ 8 ديسمبر عام 1941. وقد انتهت معركة هونغ كونغ للسَّيطرة على المدينة بنصر اليابانيين واستسلام الجنود البريطانيين والكنديين في 25 ديسمبر، لتبدأ حقبة الاحتلال الياباني لهونغ كونغ. عانى سكان المدينة خلال فترة الحكم الياباني من تفشّي نقص الطعام، وانتشار داء الجرب، والارتفاع الهائل لمعدَّلات التضخم الناتج عن تحويل العملة الإجباري بغرض التمويل العسكري. وقد سنَّت اليابان قانوناً فرض الإبعاد الإجباري للعاطلين عن العمل إلى البر الصينيّ، وذلك نتيجةً لنقص الطعام الكبير في المدينة، إلا أنَّ هذا القانون أدى لانخفاض عدد السكان 1.6 ملايين نسمة عام 1941 إلى 600,000 نسمة عام 1945، عندما آل حكم المستعمرة من جديدٍ إلى بريطانيا.
حقبة الحرب الباردة
عاد سكان هونغ للتزايد بسرعةٍ بعد الحرب إثر وفود موجةٍ من المهاجرين الصينيّين إليها، وكان هؤلاء من لاجئي الحرب الأهلية التي غرقت بها البلاد. وقد توافد المزيد من المهاجرين عقب إعلان جمهورية الصّين الشعبيَّة عام 1949، خوفاً من أن يستهدفهم الحزب الشيوعي الصيني بعد أن بلغ الحكم. فضلاً عن ذلك، قرَّرت العديد من الشركات نقل مقارِّها من شانغهاي وغوانغزو إلى هونغ كونغ.
أخذت هونغ كونغ بالتحوُّل بسرعةٍ إلى مدينة صناعية في خمسينيات القرن العشرين، وكانت العجلة الأساسيَّة الدافعة لهذا التحول هي نجاح تصدير النسيج وتطور عدد من الصناعات الأخرى. ومع ازدياد سكان وبقاء أجور العمالة منخفضة، أخذت الظروف المعيشية بالارتفاع باستمرار. شُيِّد بناء شيك كب مي بالمدينة في عام 1953، ليكون أول بناء سكن اجتماعي في تاريخ المدينة، وليمثِّل بداية برامج الإسكان الاجتماعي المُصمَّمة لاستيعاب الأعداد الكبيرة من اللاجئين الوافدين. وقد تسارعت التجارة في هونغ كونغ بسرعةٍ أكبر عندما حُوِّلت مدينة شينزين - الواقعة شمال هونغ كونغ مباشرةً - إلى منطقة اقتصادية خاصة لجمهورية الصين الشعبية، وجعل ذلك من هونغ كونغ المصدر الأول للاستثمارات الأجنبية في الصين. رغم ذلك، تناقصت أهمية هونغ كونغ وريادتها الصناعية تدريجياً منذ مطلع الثمانينيات مع تطور الصناعة في جنوب الصين المجاور لها. من جهةٍ أخرى، أخذت صناعة الخدمات بالتنامي في المدينة منذ الثمانينيات والتسعينيات، بعد أن امتصَّت هذه الصناعة القوى العاملة التي توقَّفت عن المساهمة في الصّناعة.
طوال الحقبة الاستعمارية البريطانية، شهدت هونغ كونغ تطوراً وتمدُّناً على كافَّة الأصعدة، من اقتصادها إلى نظامها الصحي. فقد بنيت الكثير من المراكز الصحية للمواطنين، مثل مشافي الملكة إلزابيث والملكة ماري والأميرة مارغاريت وأمير ويلز وغيرها. أعادت المملكة المتحدة تصنيع هونغ كونغ عام 1983 من مستعمرة ملكية إلى إقليم في ما وراء البحار، وكانت الحكومتان الصينية والبريطانية قد بدأتا بالفعل حينها بمناقشة مسألة سلطة هونغ كونغ، بعد أن بدأ موعد انتهاء عقد استئجار الأقاليم الجديدة يدنو. في عام 1984، وقَّعت الدولتان الإعلان الصيني البريطاني المشترك، وهي معاهدةٌ تقضي بتسليم ملكية هونغ كونغ إلى جمهورية الصين الشعبية في عام 1997. إلا أنَّ المعاهدة اشترطت أن تبقى هونغ منطقة إداريَّة خاصة، بحيث تحظى بدرجةٍ عالية من الحكم الذاتي لمدة 50 عاماً على الأقل بعد نقل الملكية. وسيكون قانون هونغ كونغ الأساسي - المشتقُّ من القانون الإنكليزي - دستور المنطقة بعد نقل ملكيتها.
تحت الحكم الصيني
جزيرة هونغ كونغ، عام 2006.
طُبِّق نقل ملكية هونغ كونغ من المملكة المتحدة إلى جمهورية الصين الشعبية في الأول من يوليو عام 1997، لينتهي بذلك رسمياً الاستعمار البريطاني عليها الذي دام لـ156 عاماً. أصبحت هونغ كونغ أول منطقة إدارية خاصة لجمهورية الصين الشعبية، وانتخب تونغ تشو هوا ليكون أول رئيس تنفيذيّ لهونغ كونغ. في السنة ذاتها، شهدت المدينة قفزة اقتصادية ضخمة إثر وقوع الأزمة المالية الآسيوية وانتشار فيروس أنفلونزا الطيور. في عام 2003، تأثَّرت هونغ كونغ بشدة بتفشّي الالتهاب الرئوي اللانمطي الحاد (سارس)، إذ سجَّلت منظمة الصحة العالمية إصابة 1,755 و299 حالة وفاة في المدينة، فيما قُدِّرت الخسائر الاقتصادية في العقود المالية بنحو 380 مليون دولار هونغ كونغي (48.9 مليون دولار أمريكي).
أعلن رئيس هونغ كونغ التنفيذي تونغ تشو هوا عن استقالته من منصبه في 10 مارس عام 2005، نتيجةً لمشاكل صحية. ودخل إثر ذلك دونالد تسانغ - أمين إدارة هونغ كونغ العام في حينه - الانتخابات، وفاز دون معارضةٍ بمنصب الرئيس التنفيذي الثاني للمدينة في 21 يونيو عام 2005. في عام 2007، فاز تسانغ بدورة انتخابات جديدة ليبدأ فترة ولايته الثانية في المنصب.
استضافت هونغ كونغ في عام 2005 الألعاب شرق الآسيوية الخامسة، التي تنافست فيها تسع فرق دولية من الرياضيين، وكان هذا أكبر حدث دولي رياضي تستضيفه هونغ كونغ على الإطلاق. في الوقت الحاضر، لا زالت هونغ كونغ مركزاً مالياً رائداً عالمياً، إلا أنَّ مستقبلها الاقتصادي غير واضحٍ بسبب النمو المتسارع لاقتصاد البر الصيني، وبسبب طبيعة علاقتها مع جمهورية الصين الشعبية فيما يتعلَّق بالإصلاح الديمقراطي والاقتراع العمومي. شهد عام 2014 اعتصامات ومظاهرات داعية للديمقراطية عُرِفت ببثورة المظلات بعد إعلان اللجنة الدائمة لمؤتمر الشعب الوطني عزمها على إصلاح النظام الانتخابي. اعتبر المتظاهرون الإصلاحات معيقة بشكل كبير وتتشابه مع عملية فحص المرشحين التي يقوم بها الحزب الشيوعي الصيني في البر.
تحوَّلت هونغ كونغ إلى دولة مدينة (مدينة مستقلَّة تقريباً) بفضل تاريخها الطويل كمستعمرةٍ للإمبراطورية البريطانية، وهي لا زالت تحوز حتى الآن درجة عالية من الحكم الذاتي رغم أنها تخضع للحكم الصيني. وفق الإعلان الصيني-البريطاني المشترك ومبدأ بلد واحد، نظامان مختلفان الذي تمخَّض عنه، فإنَّ هونغ كونغ تحظى بدرجة عالية من الحكم الذاتي في كافَّة شؤونها بصفتها منطقة إدارية خاصَّة، ما عدى جانبي العلاقات الدبلوماسية والقوات العسكرية اللذين سيظلاَّن من مسؤوليات الحكومة الصينية المركزية. يتعهَّد الإعلان الصيني البريطاني بالسَّماح لهونغ كونغ بالإبقاء على نظامها الاقتصاد رأس المالي، ويكفل لها حقوق وحريات شعبها لمدة 50 عاماً على الأقل بعد نقل ملكيتها في عام 1997. ويؤكِّد الدستور - قانون هونغ كونغ الأساسي - بنفسه على كفالة اقتصاد المدينة وحقوق وحريات سكانها، وهو القانون الذي يلخِّص نظام حكم منطقة هونغ كونغ الإداريَّة الخاصَّة. رغم ذلك، فمن الممكن أن يخضع هذا القانون في أي وقتٍ لتدخُّل لجنة مجلس الشعب الوطني الثابتة التابعة للحكومة الصينية المركزية.
المؤسَّسات الحكومية الأساسية التي تتولَّى حكم هونغ كونغ هي المجلس التنفيذي والخدمة المدنية والمجلس التشريعي ونظام القضاء. يرأس المجلس التنفيذي رئيس هونغ كونغ التنفيذي، والذي ترشّحه لجنة انتخابية ثم تقرّها الحكومة الشعبية المركزية. وأما الخدمة المدنية فهي جسم سياسي طبيعي يسنُّ السياسات ويؤمِّن للحكومة بعض الخدمات، ويوظَّف فيه الموظفون العامُّون بناءً على نسبهم العائلي. يتألَّف المجلس التشريعي من 60 عضواً، ينتخب نصف أعضائه في انتخاباتٍ عامَّة تحق المشاركة فيها لجميع المقيمين الدَّائمين في هونغ كونغ، موزَّعين على خمس دوائر انتخابية جغرافية، وأما النصف الثاني - المعروف بالدائر الانتخابية العمليَّة - فينتخبه بصورة مباشرة جمهورٌ أصغر من الناخبين، يتألَّف من هيئات تابعة للشركات التجارية وشخصيات أخرى من قطاعات عملية محدودة. يرأس المجلس التشريعي بأكمله رئيس المجلس التشريعي، الذي يمثِّل ما هو أشبه بالمتحدث السياسي. يُعيِّن قضاة الدولة الرئيس التنفيذي لهونغ كونغ، بناءً على ترشيحات مجلس مستقلّ.
مقر الحكومة الشعبية المركزية الصينية في هونغ كونغ.
كان تطبيق القانون الأساسي في هونغ كونغ وكيف ومتى يمكن أن تقام الاقتراعات العامة، مسألة جدليَّة كبيرةً في المدينة منذ نقل ملكيَّتها إلى الصين. في عام 2002، اقترحت الحكومة مشروع قانونٍ يمنع تغيير النظام السياسي في هونغ كونغ وفقاً للمادة 23 من القانون الأساسي، الذي فرض إصدار قوانين تُحرِّم محاولة الخيانة العظمى أو القيام بالأعمال المعادية لحكومة جمهورية الصين الشعبية، إلا أنَّ مشروع القانون واجَهَ معارضةً شديدة، ممَّا أدى إلى إلغائه في آخر الأمر. ولا زال هناك جدلٌ كبير في هونغ كونغ بين المجموعات المناصرة لبكّين الميَّالة إلى تأييد المجلس التنفيذي، والمجموعات المناصرة للديمقراطية الميَّالة إلى تأييد النظام الديمقراطي الحالي وتسريع التقدُّم الديمقراطي ومبدأ "رجل واحد، صوت واحد".
في عام 2004، فشلت الحكومة بجمع تأييد الديمقراطيّين لإنفاذ ما يُعرَف باسم "نموذج مجلس المقاطعة" لبدء عمليَّة إصلاح سياسيّ. وقد أعادت الحكومة في عام 2009 محاولة إنفاذ المشروع تحت عنوان "الوثيقة التشاورية لطرق اختيار الرئيس التنفيذي وتشكيل المجلس التنفيذي في عام 2012". اقترحت الوثيقة توسعة اللجنة الانتخابية وكلية هونغ كونغ الانتخابية من 800 إلى 1,200 عضو في عام 2012، وتوسعة المجلس التشريعي من 60 إلى 70 مقعداً. حيث ستتشكل المقاعدة العشر الجديدة من خمس مقاعد دوائر انتخابية جغرافية وخمس مقاعدة دوائر انتخابية عملية ينتخبها أعضاء مجلس مقطاعاتي منتخَبين بينهم. إلا أنَّ أنصار الديمقراطيَّة رفضوا تأييد المقترح مرة أخرى، إلا أنَّ انقساماً كبيراً قد وقع بينهم بعد إقرار الحكومة الشعبية المركزية مقترحاً مضاداً عبر الحزب الديمقراطي. وقد انقسم أنصار الديمقراطية بصورةٍ خاصَّة بسبب أن المقترح يفيد بزيادة خمس مقاعد عملية تنتخب مباشرةً، وهو ما لم يقبله الحزبان الدستوريَّان في هونغ كونغ، فيما أنَّ الحزب الديمقراطي وقف إلى جانب الحكومة للمرَّة الأولى منذ نقل ملكيَّة هونغ كونغ إلى الصّين، وأنفذ القانون بأصوات 46-12.
القانون والقضاء
القضاء في هونغ كونغ
مقر محكمة الدعوى الأخيرة في منطقة سنترال بهونغ كونغ.
نظام هونغ كونغ القضائي مستقلٌّ تماماً عن النظام القضائي في البر الصيني. بالمقارنة مع نظام القانون المدني في جمهورية الصّين الشعبية، لا زالت هونغ كونغ تتَّبع القانون الإنكليزي العام الذي نُقِلَ إليها أثناء الاستعمار البريطاني. أساس القانون الإنكليزي المُتبَّع في هونغ كونغ أنَّه جعل القضاة يجلسون في المحاكم، ليطبِّقوا السابقة القضائية على الحقائق الماثلة أمامهم. فعلى سبيل المثال، الجناية هي جريمة للقانون العام ولا تحتاج لإثباتها إلى إجراءٍ من البرلمان. من جهةٍ أخرى، يمكن للبرلمان تعديل أو استبدال القانون العام بالكامل، فالجناية مثلاً تُحمِّل الآن حكم السجن مدى الحياة عوضاً عن عقوبة الإعدام. ووفقاً للمادة 92 من القانون الأساسي، بإمكان محاكم هونغ كونغ الاستشهاد بأحكامٍ اتخذتها محاكم قانونٍ عامٍّ تنتمي لسلطاتٍ قضائية أخرى بصفتها سوابق للمتَّهم، وقد يشمل ذلك محاكم إنكلترا وكندا وأستراليا، كما أنَّه يُسمَح للقضاة من هذه البلدان بتقلُّد مناصب قضاةٍ غير دائمين في محكمة الدعوى النهائية.
هرمياً، يتألَّف نظام المحاكم في هونغ كونغ من محكمة الدعوى النهائية والمحكمة العليا (التي تتكون من محكمة الدعاوى ومحكمة الشهادة الأولى) ومحكمة المقاطعة (التي تتضمَّن محكمة العائلة). كما ثمَّة مؤسسات قضائية أخرى، منها: محكمة الأراضي، ومحاكم القضاة، ومحكمة الأحداث، ومحكمة كورونِر، ومحكمة العمَّال، ومحكمة الدعاوى الصغيرة، ومحكمة البنود الفاسدة. يتولَّى تعيين قضاة محكمة الدعوى النهائية (أعلى مؤسسة قضائية في الدولة) رئيس هونغ كونغ التنفيذي بنفسه، ولدى هذه المحكمة سلطة البتّ النهائي في الأحكام القضائية وفق مبادئ قانون هونغ كونغ الأساسي، كما أنَّ لديها سلطة البت النهائي في القوانين المحلية، فبإمكانها إلغاء التعميمات المحلية إذا ما رأت أنها لا تتوافق مع قانون هونغ كونغ.
يتولَّى قسم القضاء في هونغ كونغ البحث في شؤون الحكومة القانونية. تتضمَّن مهام هذا القسم إعطاء الاستشارات القانونية للحكومة، وإقامة الدعاوى الجنائية، والتمثيل المدني، والإصلاح القضائي والقانوني، والتعاون الدولي مع السلطات القضائية في البلدان الأخرى. وعدا عن إقامة الدعاوى الجنائية، فإنَّ محامي القسم القضائي يعملون لحساب الحكومة (بصفتهم محامي دفاع) في أيّ دعاوى مدنية أو إداريَّة تُرفَع ضدَّها. وكون القسم حامياً للصَّالح العام، فقد يطلب مراجعات قضائية وربَّما يتدخل في أيّ حالةٍ قد يراها تمسُّ الصالح العام لسكان هونغ كونغ. يحمي قانون هونغ كونغ الأساسي القسمَ القضائيَّ من كافَّة التدخلات الحكومية عندما يمارس سلطته في الدعاوى الجنائية.
حقوق الإنسان
مسيرة احتجاجية في هونغ كونغ مناهضةٌ للعنصرية.
بني قانون هونغ كونغ الأساسي بجوهره على القانون الإنكليزي العام، ولذلك فإنَّ المدينة بصورةٍ عامة تكفل درجة عالية من الحريات المدنية. تحترم حكومة هونغ كونغ عموماً الحقوق الإنسانية لجميع مواطنيها. إلا أنَّ ثمة مع ذلك عدداً من القضايا الجوهرية بخصوص الحقوق والحريات في هونغ كونغ. فهناك قلق من بعض الجهات الحقوقية بخصوص حرية التجمع التي يقيّدها القانون العمومي، وقد سبق وأن اتُّهمت الشرطة المحلية باستعمال الأساليب العنيفة ضد المتظاهرين، كما أن هناك اعتراضاتٍ بخصوص السُّلطة الواسعة التي تمتلكها الشرطة. وأما فيما يتعلَّق بحقّ الخصوصية، فإنَّ الرقابة السرية هي مصدر التخوُّفات الأكبر، رغم أن رقابة الإنترنت في هونغ كونغ تعمل وفقاً لأسسٍ مختلفة عن رقابة الإنترنت في جمهورية الصين الشعبية. لا يحظى المثليون بالحماية القانونية بسبب عدم وجود قانون متخصّصٍ بالتمييز الجنسي، رغم ذلك، فإنَّه لا توجد قوانين تجرِّم المثلية. إضافةً إلى ذلك، توجد اعتراضات حول قلَّة الاهتمام بحقوق العمَّال.
تتبنَّى هونغ كونغ نظام الإدارة المركزية، إذ لم توجد فيها حكومة محليَّة منذ قرار إلغاء المجالس الإدارية على مستوى البلديَّات في عام 2000م، ولذلك لا يوجد تعريف رسميٌّ لماهية المدن والبلدات ضمن حدود هونغ كونغ. تنقسم هونغ كونغ إدارياً إلى 18 مقاطعة جغرافية، يمثِّل كلاً منها مجلس يقدِّم الاستشارات للحكومة بخصوص القضايا المحلية، ويشمل ذلك كيفية إقامة وإنشاء المرافق العامة، والأنشطة الاجتماعية والثقافية، والاهتمام بالشؤون البيئية. ثمَّة بالإجمال 534 مقعداً في جميع مجالس المقاطعات الإدارية بهونغ كونغ، تُنتخَب منها 405 مقاعد بأصوات السكان، وأما الباقون فيعيِّنهم الرئيس التنفيذي و27 مسؤولاً في اللجان الريفية. يتولَّى إيصال سياسات وخطط الحكومة وإعلانها للأهالي قسم الشؤون المحلية عبر مكاتب المقاطعات.
القوات المسلحة
منذ تحوّل هونغ كونغ إلى مستعمرة بريطانية ثمَّ مقاطعة مستقلَّة فيما بعد، كانت تتولَّى الدفاع عنها القوات المسلحة البريطانية، تحت قيادة محافظ هونغ كونغ. عندما نُقِلَت ملكية هونغ كونغ من بريطانيا إلى جمهورية الصّين الشعبية في عام 1997، استعاضت الحكومة الجديدة عن الثكنات العسكرية البريطانية بحامية من جيش التحرير الشعبي الصينيّ، تتولَّى الدفاع البري والبحري والجوي، وتتولى قيادة هذه الحامية اللجنة العسكرية المركزية الصينية. يحمي قانون هونغ كونغ الأساسي الشؤونَ المدنية المحلية من تدخل الحامية الصينية، ويتمُّ التعامل مع جنود الحامية وفق قوانين هونغ كونغ لا جمهورية الصين الشعبية. حكومة هونغ كونغ هي المسؤولة بنفسها عن تطبيق قوانينها المحلية، إلا أنَّها يمكن أن تطلب - إن أرادت - مساعدة الحامية الصينية في تطبيق القانون أو تدارك الكوارث الطبيعية، ورغم هذا فإن الحكومة الشعبية الصينية ستظلُّ مسؤولةً عن تحمُّل تكاليف تشغيل الحامية.
الجغرافيا
خريطة للتمدد العمراني في منطقة هونغ كونغ، حيث تظهر المساحات المُعمَّرة باللون الزهري، والبراري الطبيعية باللون الأخضر.
تقع هونغ كونغ على ساحل الصّين الجنوبي، شرق ماكاو، حيث تقع هي وماكاو على الضفَّتين المتقابلتين لدلتا نهر اللؤلؤ. يحدُّ من المدينة من الجنوب والشرق والغرب بحر الصين الجنوبي، وأما من الشمال فتحدُّها مدينة شينزين الصينية من جهة نهر شينزين. تبلغ مساحة منطقة هونغ كونغ 1,104 كم2، منها 50 كم2 من المياه الإقليمية و1,054 كم2 من اليابسة، تتوزَّع على ثلاثة أقاليم: جزيرة هونغ كونغ وشبه جزيرة كولون والأقاليم الجديدة، إضافةً إلى أكثر من 200 جزيرة متفاوتة الأحجام، أكبرها هي جزيرة لانتاو. تتحكَّم هونغ كونغ بالمياه الإقليمية حتى مسافة 5.6 كيلومتراتٍ من شواطئها. وفقاً لمساحة يابسة هونغ كونغ، فإنها تأخذ رقم 179 بين دول العالم من حيث المساحة.
معظم أراضي هونغ كونغ هي عبارةٌ عن جبال وتلال وعرة، ولذلك فإنَّ أقلَّ من 25% من إجمالي مساحتها مأهولٌ بالسكان، كما أنَّ نحو 40% من مساحتها الباقية محميَّة ضمن نطاق حدائق وطنية ومحميات طبيعية. يتركَّز معظم التوسع العمراني في المنطقة بشبه جزيرة كولون وعلى الساحل الشمالي من جزيرة هونغ كونغ، وكذلك في مستوطنات متفرّقة في أنحاء الأقاليم الجديدة. أعلى قمة في هونغ كونغ هي قمة تاي مو شان، التي ترتفع 937 عن مستوى البحر. لدى هونغ كونغ بفضل ساحلها الطويل والمتعرّج الكثير من الخلجان والشواطئ، كما توجد فيها الكثير من الأنهار. في 18 سبتمبر عام 2011، صنَّفت منظمة اليونسكو حديقة هونغ كونغ الجيولوجية كجزءٍ من شبكة الحدائق الجيولوجية العالمية، وتتكون هذه الحديقة من ثمانية مناطق جغرافية موزَّعة في أنحاء المنطقة الصخرية البركانية بمقاطعة ساي كونغ ومنطقة الصخور الرسوبية شمال شرق الأقاليم الجديدة.
رغم أن هونغ كونغ تشتهر بأنها مدينة صناعية إلى درجةٍ كبيرة، فهي مع ذلك تحرص على محاولة الحفاظ على البيئة خضراء نظيفة، وقد حثَّ الوعي الشعبي - المتزايد مؤخراً - الحكومة على تطبيق قيودٍ قاسية على استصلاح المزيد من الأراضي بميناء فكتوريا. وممَّا يتسبب بازدياد الوعي الشعبي حول البيئة ارتفاع معدَّلات التلوث في المدينة، التي تنتج عن الطبيعة الجغرافية لهونغ كونغ وعلوّ مبانيها. مع ذلك، فإن نحو 80% من أدخنة المدينة تصدر عن أجزاءٍ أخرى من دلتا نهر اللؤلؤ.
مع أن هونغ كونغ تقع مباشرةً جنوب مدار السرطان، فإنَّها تمتاز بمناخٍ رطب شبه مداريّ. حيث يكون الطقس في فصل الصيف حاراً ورطباً تتخلَّله أمطار وعواصف رعدية، وتهبُّ على المدينة الرياح الدافئة قادمةً من الجنوب الغربي. وتشيع الأعاصير الاستوائية خلال الصيف أكثر من أيّ وقتٍ آخر في العام، لتتسبَّب أحياناً بالفيضانات والانهيارات الأرضية. من جهةٍ أخرى، فإن فصل الشتاء معتدل الطقس وعادةً ما يبدأ بأيام مشمسة، ثم يصبح أكثر غيوماً مع اقتراب شهر فبراير. وتهبُّ خلاله على المدينة رياح باردةٌ من الشمال. أكثر الفصول اعتدالاً هي الربيع (الذي كثيراً ما يكون متقلِّباً)، والخريف (الذي يكون عادةً مشمساً وجافاً). تتعرَّض هونغ كونغ بالمتوسّط لـ1,948 من أشعة الشمس كل عام. أعلى وأخفض درجتي حرارةٍ سجَّلهما مرصد هونغ كونغ في تاريخ المدينة هما 36.1ْ و0.0ْ مئوية على التوالي. وفيما يلي جدولٌ يُبيِّن وسطي درجات الحرارة في المدينة حسب الشهر: