الولد العاق
كانت تعيش مع زوجها الفقير الذي لا يملك حتى قوت يومه، وأولادهما الأربعة الذين يبلغ كبيرهم التاسعة من عمره في بيت صغير لا يوجد فيه سوى بعض المتاع القديم.
رغم كل ذلك كان الجميع يعيشون حياة سعيدة ولا هَمّ لهم في الحياة غير الحصول على قوت يومهم ولا يرجون من الله غير الستر والعافية.
وهكذا إلى أن جاء يوم شؤم حمل معه المرض إلى الزوج فرقد في الفراش ولم يعد يقوى على الحركة فأرغمت الزوجة حينئذٍ على العمل والسعي إلى لقمة العيش تاركة أولادها الأربعة في المنزل مع زوجها المريض، وبعد فترة قصيرة من الزمن توفى الله ذلك الزوج تاركاً لزوجته متاعب الأولاد وعذاب الدنيا وما فيها من مصائب ولم يبقى لهم من معين غير الله.
وأراد الله أن يُفرِّج كرب تلك المرأة المعذبة التي تبلغ من العمر 28 عاماً، فتعرف عليها بعد فترة من الوقت رجلاً غنياً يبلغ من العمر 48 عاماً وطلبها للزواج بعد أن علم أن لديها أربعة أولاد وعرف عنها كل شيء، وقد أخبرها ذلك الرجل الغني بأن الله إنما قد أنعم عليه بالمال ولكنه حرمه من نعمة الأولاد لأنه كان عقيماً لا ينجب الأولاد، وأنه كان متزوجاً من قبل وقد طلق زوجته نزولاً عند رغبتها لأنها لم تكن ترضى بالعيش معه بسبب عقمه، وقال لها بأنه سيعتبر أولادها بمثابة أولاداً له لأنه محروم منهم فليطمأن قلبها بشأنهم.
فكّرت تلك المرأة كثيراً في أمر ذلك الرجل ولم تجد في النهاية أفضل منه ملاذاً لها ولأولادها واعتبرت أن الله قد أرسله إليها لكي ينقذها من محنتها فتزوجته وانتقلت إلى بيتها الجديد الذي لم تكن تحلم بمثله طيلة حياتها وعاشت مع زوجها هناك هي وأولادها، وقد كان ذلك الرجل كريماً معهم ولم يبخل عليهم في شيء.
انقضت السنوات وكبر الأولاد في ظل ذلك الرجل حتى أصبحوا شباباً، ولكن أحد أولئك الأولاد كان لا يحب أمه ويحقد عليها ويكرهها لأنها قد تزوجت بعد وفاة أبيه ويعتبر ذلك خيانة لأبيه، فكان يضايقها وينغّص عليها حياتها باستمرار فيسبها حيناً ويشتمها حيناً آخر، ورغم أن زوج أمه كان يعاملهم جميعاً معاملة حسنة ويعطف عليهم فقد كان ذلك الشاب يكرهه أيضاً ولا يحترمه ويسيء معاملته ويهينه، وخلال تلك السنوات كانت تحصل خلافات ومشاكل كثيرة بين ذلك الشاب وزوج أمه وكان زوج أمه في كل مرة يتشاجر معه فيها يطرده من المنزل فتعيده أمه إلى المنزل رأفة به وخوفاً عليه من الضياع.
وهكذا حتى وصل الأمر بذلك الشاب ذات يوم وبعد جدال حاد مع زوج أمه إلى أن يفقد صوابه فأخرج من جيبه سكيناً وتقدم من زوج أمه يريد غرزها في جسده، ولكن أمه التي كانت تقف بجانب زوجها في ذلك الحين تقدمت مسرعة ووقفت بينه وبين زوجها محاولة منعه من فعل ذلك، لكنها وللأسف لم تتمكن من وقف تلك السكين التي هوت كالصاعقة على صدرها لتغرز في قلبها وتؤدي إلى موتها على الفور.
وهكذا انتهت حياة تلك المرأة المسكينة وهي في سن التاسعة والثلاثين، فهل كانت يا ترى تستحق ذلك العقاب؟.