قصصقصص تاريخيةقصص واقعيةمفالاتمقالاتمنوعات
فلا اقسم بمواقع النجوم
فلا اقسم بمواقع النجوم
فلا اقسم بمواقع النجوم – الإعجاز العلمي في سورة الواقعة
أقسم تعالى في سورة الواقعة – 75 بمواقع النجوم فقال { فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ ٱلنُّجُومِ } * { وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ } * { إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ } * { فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ } * { لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ ٱلْمُطَهَّرُونَ } * { تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ }. فقد أقسم الله تعالى بمواقع النجوم وقال إن هذا القسم الذي أقسمَ به لقسم، لو تعلمون ما هو، وما قدره، لقسم عظيم. الغاية من القسم أن هذا القرآن لقرآن كريم، في كتاب (الذي في السماء) مصون عند الله لا يمسه شيء من أذى من غبار ولا غيره، لا يمسّ ذلك الكتاب المكنون إلا الذين قد طهَّرهم الله من الذنوب والملائكة، وهو تنزبل من رب العالمين.
ربط تعالى صدقية الفرآن وحقيقة تنزيله بعظمة مواقع النجوم. فما العظيم بمواقع النجوم؟ { فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ ٱلنُّجُومِ } * { وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ } *
كل النجوم التي نراها بالعين المجرّدة تقع ضمن مجرتنا، فنحن نراها بالليل والمسافة بينها ثابتة، ثم نراها تتحرك جميعها مع بعضها خلال ساعات الليل بسبب دوران الأرض حول نفسها وحركة اخرى خلال فصول السنة بسبب دوران الأرض حول الشمس ثم تعود من حيث بدأت. الآيات السابقة تخبرنا بأن الموضوع ليس بهذه البساطة إذ أخبرنا تعالى بأننا لا نملك من العلم ما يكفي “لو تعلمون” لكي نعطي هذا القسم حق قدره.
تمت الاشارة الى كافة المراجع المستخدمة في هذه المقالة بروابط تؤدي الى اصل المعلومة مثل موقع تفسير القرآن الكريم، ومواقع وكالة الفضاء الأمريكية ناسا، وموقع ويكيبيديا، ومواقع اخبارية ومواقع علمية أخرى ذات علاقة، بالإضافة الى موقع باحث اللغوي وذلك لكي يتأكد القارئ من صدق المعلومة.
في عام 1989، أطلقت الوكالة الأوروبية للفضاء European Space Agency – ESA المسبار هيباركوس لتحديد مواقع نحو مئة ألف نجمة بمجرتنا بدقة عالية في مهمة مدتها ثلاث سنوات. السبب في لجوء العلماء لاطلاق مسبار بدلا من رصدها من الأرض هو أن الغلاف الجوي يعيق عملبة الرصد وقد بُحدث انحرافا في الموقع، كما وأن الأرض تدور حول نفسها بمحور به بعض التأرجح، كما وأن الأرض غير ثابتة إذ تدور حول الشمس مرّة كل سنة، أضف الى ذلك أن موقع الشمس في وسط النظام الشمسي غير ثابت (متأرجح) بسب قوة جذب الكواكب لها، كما وأن الشمس والكواكب التابعة لها غير ثابتة، بل تجري بسرعة تقارب ثمانمائة الف كيلومتر في الساعة في مدار حول مركز المجرّة كما ذكرنا في مقالتنا “أين تستقر الشمس” . أي أن المكان الذي نحاول أن نرصد منه مواقع النجوم (الأرض) غير ثابت، وبالتالي فاننا بحاجة الى تكنولوجيا متقدمة لأخذ كل هذه المتغيرات بعين الإعتبار “لو تعلمون” لتحديد مواقع النجوم.
صورة التقطتها ناسا لمجرة Island Universe N5033 والتي تشبه مجرتنا بشكل كبير
علم مواقع النجوم هو علم قديم وأول من حاول تحديد مواقع النجوم هو العالم اليوناني هيباركوس (190 – 120 ق.م.) وقد كان قادرا على وضع كتالوج يحتوي على مواقع عدد من النجوم المرئية والبالغة حوالي 2000 نجمة بينما تحتوي مجرتنا – درب التبانة – على 200 الى 300 مليار نجمة، وبالتالي فإن ما رصده المسبار هو عبارة عن عينة صغيرة من نجوم مجرتنا وبالقرب من نظامنا الشمسي، ولكن ما أثبته المسبار هيباركوس بشكل قطعي وغيّر كل المفاهيم هو أنه لا يوجد شيء ثابت، فكل النجوم التي تم رصدها متحركة والسبب في أننا لا نرى حركة هذه النجوم هو أن عمرنا وتاريخنا قصيرين مقارنة بأعمار الأجرام السماوية بشكل عام بالإضافة الى ضخامة المسافات بين النجوم، وبالتالي فاننا لا نلحظ حركتها، أمّا بالنسبة للمسبار هيباركوس فقد كان قادراً على تحديد مواقع النجوم واتجاه حركتها وسرعتها وبالتالي رصد النمط العام لحركة مجموعة من النجوم. هذه المعطيات توفّر للعلماء ما يكفي لعمل محاكاة من خلال الكمبيوتر لرصد حركتها عبر الزمن. قال تعالى في سورة الإسراء 44 { تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ ٱلسَّبْعُ وَٱلأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَـٰكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً } وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” ألا أُخْبِرُكُمْ بِشَيْءٍ أمَرَ بِهِ نُوحٌ ابْنَهُ؟ إنَّ نُوحاً قالَ لاِبْنِهِ يا بُنَـيَّ آمُرُكَ أنْ تَقُولَ سُبْحانَ اللّهِ وبِحَمْدِهِ فإنَّها صَلاةُ الـخَـلْقِ، وَتَسْبِـيحُ الـخَـلْقِ، وبِها تُرْزَقُ الـخَـلْقُ، قالَ اللّهُ وَإنْ مِنْ شَيْءٍ إلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ “.
فهل توصلنا الى ما يكفي من العلم لفهم علم مواقع النجوم “لَّوْ تَعْلَمُونَ“؟ ما زال العلم في بداية الطريق في هذا المجال وحجم المعلومات التي تم جمعها لا يكفي – حسب رأي العلماء – للوصول الى نتائج ذات دلالة، ولهذا ستقوم وكالة الفضاء الأوروبية باطلاق السمبار “جايا” في ديسمبر من عام 2013 في مهمة طولها 5 سنوات لرصد مواقع مليار نجم من كافّة انحاء المجرّة وبناء نموذج ثلاثي الأبعاد وذلك برصد حركتها واتجاهها، هذا النموذج سوف يوفّر للعلماء صورة واضحة عن نمط حركة النجوم في مجرتنا. لن يستطيع المسبار الذي كلّف 650 ملبون يورو بناء هذا النموذج لوحده، بل يحتاج الى فريق من مئات الأخصائيين والعلماء من كافّة انحاء أوروبا مكوّن من محللي البيانات ومهندسي الكمبيوتر وعلماء الفلك وعلماء الرياضيات وعلى مدى ثمانية سنوات لكي يستطيعوا بناء هذا النموذج الذي سيحتاج الى أجهزة كمبيوتر عملاقة وسعة تخزين هائلة تصل الى مليون جيجا بايت (ألف تيرا بايت) وستكتمل هذه المهمّة عام 2020، اما إذا اراد العلماء تحديد موقع كل نجم في مجرتنا، فلربما سيكونوا بحاجة الى 200 الى 300 ضعف عدد العلماء وقدرة معالجات الكمبيوتر وسعة التخزين … فهل هذا قسم عظيم؟
{ فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ } الواقعة 74