عباس العقاد - Abbas Al Akkad
عباس العقاد: عملاق الأدب العربي والفكر المستنير
المقدمة
عباس محمود العقاد، أحد أبرز أدباء ومفكري القرن العشرين في العالم العربي، ترك بصمة لا تُمحى في الأدب العربي بفضل إنتاجه الغزير والمتنوع الذي جمع بين الفكر النقدي، الشعر، الفلسفة، والدراسات الأدبية. اشتهر العقاد بعقله المستنير وأسلوبه الفريد في تناول القضايا الفكرية والأدبية، مما جعله أحد رواد النهضة الأدبية والفكرية في مصر والعالم العربي.
في هذه المقالة، سنتناول حياة عباس العقاد، وأهم أعماله الأدبية والفكرية، وتأثيره العميق على الأدب العربي. وسنتطرق أيضًا إلى الأسباب التي جعلت العقاد من الشخصيات الرائدة في التاريخ الثقافي العربي.
حياة عباس محمود العقاد
وُلد عباس العقاد في 28 يونيو 1889 في مدينة أسوان بجنوب مصر. نشأ العقاد في بيئة متواضعة، لكنه كان شغوفًا بالعلم منذ صغره، وقرأ الكثير من الكتب في مختلف المجالات مثل الأدب، التاريخ، والفلسفة. لم يحصل العقاد على تعليم جامعي رسمي، لكنه كان عصاميًا في تعليمه ونجح بفضل مثابرته وفضوله المعرفي. اعتمد العقاد على مكتبات القاهرة والغربية كمصدر رئيسي لتثقيف نفسه، مما أسهم في تكوين فكره العميق.
المسار الأدبي والفكري للعقاد
بدأ العقاد مسيرته الأدبية مبكرًا، وكان معروفًا بأسلوبه النقدي الحاد والمباشر. كتب في العديد من الصحف والمجلات، وشارك في تأسيس مجلة "الدستور" التي كانت منبرًا لتعبير الشباب المثقف في ذلك الوقت.
من أهم ما يميز كتاباته هو القدرة على مزج الفلسفة بالواقع الأدبي، حيث كان يتمتع بفكر نقدي قوي وأسلوب تحليلي عميق. لم يكن العقاد متأثرًا بالتيارات الأدبية السائدة فقط، بل كان له مواقفه الفكرية المستقلة التي جعلته واحدًا من أهم نقاد الأدب العربي في القرن العشرين.
عباس العقاد |
وظيفة العقّاد
تأثير عباس العقاد على الأدب والفكر العربي
عباس العقاد لم يكن مجرد كاتب أو أديب، بل كان مفكرًا عميقًا أثر في الأدب والفكر العربي بشكل لا يمكن تجاهله. لقد ساهم بشكل كبير في النهضة الأدبية التي شهدها العالم العربي في مطلع القرن العشرين. أسهمت مقالاته النقدية وكتبه الفكرية في تشكيل الرؤية الحديثة للأدب والفكر العربي.
التجديد الأدبي والنقدي: كان للعقاد دور كبير في نقد التيارات الأدبية التقليدية والدعوة إلى تجديد الأدب العربي بما يتوافق مع متغيرات العصر الحديث. قاد حركة تجديدية مع أدباء كبار مثل طه حسين وسلامة موسى، مما أسهم في تحديث اللغة والأساليب الأدبية.
الفكر الفلسفي والديني: لم يكن العقاد كاتبًا أدبيًا فقط، بل كان له دور كبير في تناول القضايا الفلسفية والدينية من منظور عقلاني. كانت كتاباته في الفكر الديني مميزة بقدرتها على الدمج بين العقل والإيمان، مما جعله مصدر إلهام لكثير من المفكرين العرب.
التأثير على الأدباء الجدد: أسهم العقاد في تدريب وتوجيه جيل جديد من الأدباء والمفكرين، وكان له تأثير مباشر على تطوير النقد الأدبي العربي، سواء من خلال كتاباته النقدية أو من خلال تفاعله مع الأدباء الشبان.
Abbas Al Akkad |
مدرسة العقاد الأدبية
كانت "مدرسة العقاد" الأدبية من أشهر المدارس الأدبية التي ظهرت في القرن العشرين. لم يكن العقاد قائدًا أدبيًا فقط، بل كان يمثل اتجاهًا فكريًا جديدًا يدعو إلى التحرر من القيود الأدبية التقليدية والبحث عن معنى أعمق في الأدب. انضم إليه مجموعة من الكتاب والشعراء الذين تبنوا رؤيته النقدية التجديدية.
تميزت هذه المدرسة بتركيزها على الفكرة والمعنى أكثر من الشكل، ورفضها للتكرار والسطحية في الكتابة الأدبية. كما كانت تدعو إلى الحرية الفكرية والاستقلال الأدبي بعيدًا عن التقليد الأعمى للأدب الغربي أو الشرقي.
الخاتمة
عباس العقاد كان أكثر من مجرد كاتب أو مفكر؛ كان عقلًا نقديًا متقدًا، ترك إرثًا غنيًا من الأفكار والكتابات التي لا تزال تؤثر في الثقافة العربية حتى اليوم. بفضل رؤيته النقدية والفلسفية المتعمقة، استطاع العقاد أن يُثري الأدب العربي ويقدم لنا دروسًا خالدة في كيفية التعامل مع النصوص والأفكار بعقل مفتوح وناقد.
ستظل أعماله ومواقفه الفكرية مصدر إلهام لكل من يسعى لفهم أعمق للإنسانية والفكر العربي. لا شك أن عباس العقاد سيظل رمزًا للثقافة العربية وعملاقًا من عمالقة الأدب الذي لا يمكن تجاوزه في دراسة تطور الأدب والفكر العربي في القرن العشرين.
مؤلّفات عبّاس محمود العقّاد
يوجد للعقاد الكثير من المؤلفات، فقد نشر عام 1954م مجلّدين على شكل مجموعة لإحدى ترجماته في الأدب العالميّ، ومنها مجموعة من القصص القصيرة الأمريكيّة، ثمّ تولّى منصباً في المجلس المِصريّ للآداب والفنون، وفي عام 1958م نشر كتابه مُقدّمة شكسبير، وهو أحد كُتب النّقد الأدبيّ الحادية عشرة الخاصّة به، بالإضافة إلى نشره مجموعة أخرى مثل: إبليس، وحصل العقّاد على جائزة الدّولة التقديريّة في الآداب عام 1960م، ونُشرت آخر أعماله في عام 1963م، وذلك تحت عنوان"يوميّات"، وفيما يأتي أبرز مؤلفاته:
العبقريّات
هي سلسلة من الكُتب التي تُعنى بشخصيّات عظيمة، أولّها: عبقريّة مُحمّد-صلّى الله عليه وسلّم-، ثمّ الخلفاء الرّاشدون، وهي: عبقريّة الصِّديق، وعبقريّة عُمُر، وعبقريّة عثمان بن عفّان، وعبقريّة عليّ بن أبي طالب.
المرأة في القرآن
تطرّق العقّاد في هذا الكتاب إلى الحديث عن المكانة التي تحتلُّها المرأة، وذلك في ظلّ ذِكر الآيات القُرآنيّة المُتعلّقة بها، كما تحدّث فيه عن مجموعة من القضايا التي ترتبط بالمرأة، مثل: الزّواج، والطّلاق، والحقوق الدُّنيويّة، والحقوق الدّينيّة، وقِوامة الرّجل على المرأة، وممّا أشار إليه في كتابه كذلك الوصايا المذكورة في كتاب الله، والتي تُعنى بالتّعامل مع المرأة، وأنهى العقّاد كتابه بكتابة رأيه الخاصّ فيما تمرّ به المرأة من قضايا.
التفكير فريضة إسلاميّة
يتحدّث العقّاد في هذا الكتاب حول الآيات التي تدعو الإنسان للتّفكُّر، وهي الآيات التي عظّمت من نِعمة العقل، باعتبارها وسيلة التّفكير عند الإنسان، ويُشير إلى أنّ العقل هو السّبيل الأفضل للرّجوع إليه في الأمور، كما يُجيب في كتابه عن الأسئلة المُتعلّقة باتّفاق الدّين والفِكر، كذلك سؤال: "هل يستطيع الإنسان العصري أن يقيم عقيدته الإسلامية على أساس من التفكير؟"، ثمّ يُجيب العقّاد عنه بنعم، مستشهداً بالآيات. ويذكر النّتيجة الحتميّة التي وصل إليها وهي عنوان كتابه أنّ التّفكير فريضة إسلاميّة.
أنا
يُعتبر هذا المُصنّف سيرة ذاتيّة للعقّاد يسردُ فيها نفسه من وجهة نظره وليس كما يراه النّاس، لذلك تُظهِر هذه السّيرة صورة مُختلفة عمّا أخذها عنه ممّن عاصروه، فالكتاب يحتوي الكثير من المشاعر لحياة العقّاد والمليئة بالعديد من التّجارب الحياتيّة في عُمُره، كما يُظهر فيها حبّه الكبير للمُطالعة أكثر من أيّ شيء آخر.
الإسلام والحضارة الإنسانيّة
يستعرضُ العقّاد في هذا الكتاب الإسلام من خلال مجموعة من المقالات، ويُوضّح فيها أثر الإسلام في الحضارة الإنسانيّة، ويُشير بدلائل على ذلك، وبراهين تدلّ على إنجازات الإسلام وانتشاره لدُول العالم، مع الإشارة إلى الدّور الذي حقّقه الإسلام في خلق التّوازن بين العِلم والإيمان، ويُؤكّد كذلك على أنّ الإسلام خطاب شامل، وعامّ للعالم أجمع، ويُدلِل بذلك كونه دين لا يُفرقّ بين البشر.
جميل بُثينة
يتناول العقّاد في هذا الكتاب دراسة أحد أعلام قصص الحبّ في تاريخ العرب، وهو جميل بن معمّر العذريّ، وعَمَد إلى طرح الشّخصيّة بشكل مُختلف مُشتملاً الجوانب النّفسيّة لها ماراً بالبيئة التي عاش ونشأ فيها وكيف آل المآل إلى موهبته في الشِّعر، ويذكرُ كذلك الجوانب التي برع فيها جميل بُثينة، ومن الجدير بالذِّكر أنّ بُثينة هو اسم محبوبته.
مؤلفات أخرى للعقّاد
للعقّاد مجموعة كبيرة من المؤلّفات تُعنى بجوانب مُختلفة، وهي:
المؤلّفات الدينيّة:
- الله.
- إبراهيم أبو الأنبياء.
- أبو الشّهداء الحسين بن علي.
- الصّدِيقة بنت الصِّديق.
- فاطمة الزّهراء والفاطميّون.
- عمرو بن العاص.
- معاوية بن أبي سفيان.
- الفلسفة القرآنيّة.
- التّفكير فريضة إسلاميّة.
- الإسلام في القرن العشرين.
- ما يُقال عن الإسلام.
- الدّيمقراطيّة في الإسلام.
- الشّيوعيّة والإنسانيّة في شريعة الإسلام.
- حقائق الإسلام وأباطيل خصومه.
- حياة المسيح.
مؤلّفات الشخصيّات:
- سارة.
- القائد الأعظم مُحمّد علي جناح.
- سعد زغلول زعيم الثّورة.
- شاعر أندلُسيّ وجائزة عالميّة.
- شاعر الغزل عمر بن أبي ربيعة.
- عبد الرحمن الكواكبيّ.
- جحا الضّاحك المُضحك.
- روح عظيم المهاتما غاندي.
- سن ياتسين أبو الصّين.
- هتلر في الميزان.
- فرانسيس باكون.
- بنجامين فرنكلين.
- أبو العلاء.
- أبو نوّاس.
- ابن الرّوميّ.
- ابن رشد.
- ابن سينا.
- برنارد شو.
- رجال عرفتهم.
- التّعريف بشكسبير.
المؤلفات الأدبيّة:
- أعاصير مغرب.
- أفيون الشّعوب.
- تذكار جيتي.
- هذه الشّجرة.
- يسألونك.
- ألوان من القصّة القصيرة في الأدب الأمريكيّ.
- أشتات مُجتمعات في الّلغة والآداب.
- دراسات في المذاهب الأدبيّة والاجتماعيّة.
- جوائز الأدب العالميّة.
- مراجعات في الأدب والفنون.
- مطالعات في الكتب والحياة.
- ساعات بين الكتب.
- الّلغة الشّاعرة.
- الإنسان الثّاني.
أشهر الدواوين الشعريّة لعبّاس محمود العقّاد
ديوان من الدّواوين
هو مجموعة من أشعار العقّاد المُختارة بعناية ممّا نُشر له من دواوين شعره، إذ يحتوي على العديد من القصائد المختلفة، فمنها ما يُظهر الجانب النّفسيّ لتفكير العقّاد مثل: قصيدة ندم، وقصيدة مزيج، وغيرها، ومنها ما يُظهر جانبه العاطفيّ، والغَزَليّ مثل: قصيدة فنّ السّينما، وقصيدة عسكريّ المرور، ويضمّ هذا الدّيوان قصائد مُتنوعة يغلب عليها الطّابع العاطفيّ.
ديوان عابر سبيل
استعرض العقّاد في هذا الدّيوان أغراضاً شِعريّة متنوعة، مُشيراً إلى أنّ الشِّعر لا يُحصر في غرض واحد، ومُعلِّلاً ذلك بأنّ الحياة تختلف في أحداثها، وأنّ الأدب وسيلة لطرح مشاكل المُجتمع، فحرص العقّاد على عدم السّير على أساليب قديمة ومُتداولة في طرحه، سواءً أكان ذلك في كتابته لبداية القصيدة أم في تحديد مواضيع القصائد، وقد تطرّق العقّاد للأفكار التي ترتبط بالتّجديد في كلّ ما يتعلّق بالموضوعات، لذلك هناك العديد من القصائد التي عُدّ طرحها أمراً جديداً في ذلك الوقت، ومنها: قصيدة عصر السّرعة، وقصيدة الفنادق، وقصيدة المَصْرِف، وغيرها.
ديوان وهج الظّهيرة
يُعدّ هذا الدّيوان الشِّعريّ أول خطوة تجاه التّجديد في تأليف الدّواوين، وهو الذي أبرز أسلوب العقّاد في الشِّعر العربيّ دون غيره، مُبتعداً بذلك عن النّماذج القديمة الثّابتة، ويُعدّ هذا الديوان ثاني دواوينه التي ألّفها أثناء شبابه، ويتناول مجموعة من المواضيع المُختلفة، ومنها هذه القصائد: قصيدة كأس على ذكرى، وقصيدة القريب البعيد، وقصيدة الدُّنيا الميِّتة، وغيرها، بالإضافة إلى تناوله مواضيع الحياة في أوجه مختلفة كالحبّ، والجمال، والعاطفة، والطّبيعة، ولم تخلُ قصائده كذلك من الحديث عن الوطنيّة الصّادقة والإيمان.
ديوان وحي الأربعين
يُعدّ هذا الدّيوان أكثر الدّواوين التي يظهر فيها نُضج أشعار العقّاد، ويتناسب ذلك مع عُمُره فغالب هذه القصائد كتبها وهو في الأربعين من عُمُره، ويظهر في هذا الدّيوان ما هو مختلف عن أشعاره السّابقة، فهو يُجدد حتّى بأشعاره، كما تطرّق العقّاد في هذا الدّيوان إلى قصائد تُعنى بالتّأمُلات الحياتيّة، وأساليب المُناجاة، والخواطر، والقصائدة الوصفيّة، بالإضافة إلى القصائد الاجتماعيّة والقوميّة، وتُعدّ قصيدة الغزل الفلسفيّ من الأمثلة الواضحة على أسلوب العقّاد في التّجديد.
ديوان هدية الكروان
تعود تسمية هذا الدّيوان لأثر طائر الكروان دون غيره من الطّيور في وجدان العرب، وكأنّ العقّاد يُهديه الدّيوان مجازيًّا، ويتناول الدّيوان العديد من قصائد الغزل، منها: قصيدة الحياء في الحبّ، وقصيدة الخرافة الصّادقة، وقصيدة شكوك العاشق، وغيرها.
ملخص لأهم أعمال عباس العقاد
"عبقرية محمد"
هذا الكتاب هو واحد من سلسلة "العبقريات" الشهيرة التي قدمها العقاد
لتسليط الضوء على شخصيات إسلامية كبرى. يتناول الكتاب سيرة النبي محمد صلى
الله عليه وسلم بأسلوب عقلاني نقدي يركز على العظمة الفكرية والإنسانية
لشخصيته.
"الإنسان في القرآن"
يتناول العقاد في هذا
الكتاب رؤية الإسلام للإنسان ودوره في الحياة من خلال تحليل آيات القرآن
الكريم. يعتبر هذا الكتاب من الدراسات الفلسفية التي تجمع بين الفكر الديني
والفلسفة الإنسانية.
"سارة"
رواية "سارة" هي العمل
الروائي الوحيد للعقاد، وهي قصة حب تحمل في طياتها أفكارًا فلسفية وتأملات
حول الحياة والعلاقات الإنسانية.
"الله"
في هذا الكتاب، يناقش العقاد قضية الإيمان بالله من منظور فلسفي وعقلي، مقدمًا حججًا تؤيد وجود الخالق وإرادته المطلقة.
"الديمقراطية في الإسلام"
يناقش العقاد في هذا الكتاب مفهوم الديمقراطية من منظور إسلامي، ويبين كيف
أن الشريعة الإسلامية تحمل في طياتها قيم الحرية والعدالة التي تُعتبر
أساسًا للديمقراطية.